البطريرك يوحنا يتفقد كنيسة السيّدة في الدورة_ عكار ويقول: “تعالوا وانظروا إلى شرعة المحبّة والعطاء والأخوة”.
ويزور رعيّة بزبينا ويؤكد” أن بزبينا هي الإيمان الحقيقي المتجذر في قلوب أبنائها”.
٥ أيار ٢٠١٩
ليا عادل معماري_ عكار
إلى بلدة الدورة العكاريّة التي تعد رسالة في المحبّة والدعوة النموذجيّة لخلاص الناس، إلى الدورة_ عكار العتيقة حيث تتربع كنيسة السيّدة التي تؤكد القيم التي تحث عليها الديانات السماويّة، إلى الكنيسة الفريدة والمتميّزة التي يصلي فيها الأرثوذكس والكاثوليك في جو أخوي روحي صنعه مسلمو البلدة، وجمعوا الأموال لبنائها وكان أول من قرع جرسها هو مسلم من أبناء الدورة.
توجّه رأس الكنيسة الأنطاكيّة الارثوذكسيّة البطريرك يوحنا العاشر ليبشر بالصباح العكاري الأصيل الذي يحفظ فيه الإنسان كرامة وعرض ودين أخيه الإنسان.
ولا يختلف اثنان، إن الطريق المؤديّة إلى كنيسة السيّدة افترشت بمحبّة أبنائها على اختلاف طوائفهم رافعين الصور العملاقة لغبطته واللافتات المرحّبة والمهللة للآتي باسم الرب، ناهيك عن زغاريد النسوة وبسمة الأطفال البريئة البادية على وجوههم هاتفين بصوت واحد
“مستحق مستحق مستحق”، ما يجعل المرء يتأثر عندما يسمع مثل هذه العبارات من أطفال هم من ديانات مختلفة، وكأن لغة الكلام قد توقفت وقالت: “ها هي الدورة العكاريّة التي تعطي صورة سلاميّة اسلاميّة وسط هذا العالم المتخبّط.
كان في استقبال غبطته كهنة الكنيسة حنا الشاعر ومطانيوس سابا، رئيس بلدية الدورة_ عكار العتيقة أحمد السحمراني، الدكتور أسعد السحمراني، وفعاليّات البلدة وأهلها.
بعد الاستقبال، أقام غبطته صلاة الشكر في الكنيسة بمشاركة راعي الأبرشيّة المتروبوليت باسيليوس (منصور) والوفد المرافق الذي ضم كل من الأرشمندريت برثنيوس اللاطي، الأرشمندريت ألكسي شحادة مدير دائرة العلاقات المسكونيّة والتنميّة في بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق، الأرشمندريت جورج يعقوب، والشماس ملاتيوس شطاحي، رافعين الصلاة على نية أبنائها.
ومن ثم، تحدّث الدكتور أحمد السحمراني باسم أهالي الدورة_ عكار العتيقة عن الأسباب التي دفعت أهالي البلدة إلى بنائها وجمع الأموال لبنائها لتضفي بعضًا من محبّة خالصة ل” الله” ولتشكل نقطة أمل في هذا العالم المتصادم.
وأشار الدكتور السحمراني إلى أن الهدف الأسمى من بناء هذه الكنيسة هو رفع الحواجز بين سائر الطوائف والمذاهب، وبالتالي أتت عملية بناء كنيسة السيّدة العذراء بمساهمة أساسيّة من تبرعات المسلمين، تأكيدًا الاختلاط الإيماني بين أهلها من جهة، ولتزين حالة الانفتاح التي تسود بين أهالي البلدة من جهة ثانية.
وأوضح السحمراني أيضًا أننا نحتاج اليوم إلى الاستفاق المريمي والصحوة الوطنيّة الجامعة تفاديًا من الوقوع في خضّات قد تقودنا إلى اضمحلال القيم والأخلاق، شاكرًا المتروبوليت باسيليوس (منصور) لجهوده المبذولة في تكريس روح المحبّة وثقافة العيش الواحد بين أبناء هذه المنطقة.
ونوّه بمزايا غبطته واصفًا إياه ب “هامات الحق والاستقامة.”
أمّا كلمة البطريرك يوحنا العاشر فطغت عليها لغة التأثر قائلًا:
“تعالوا وانظروا إلى الدورة _ عكار العتيقة، وتعلّموا من أهلها منطق العطاء لا منطق المصالح، تعالوا لتتلقفوا الإيمان الحقيقي المنغرس في نفوس أبناء البلدة وأذهانهم. تعالوا لتخبروا العالم برمّته عن اهالي الدورة المتحابين المتآزرين، فهذا هو شرقنا وهذا هو ديننا دين المحبّة والرحمة وكم يحتاج عالمنا اليوم إلى هذه الفضائل.
وتساءل غبطته أين هي شرعة حقوق الإنسان التي يتحدّثون عنها؟
أين هي العدالة والكرامة الإنسانية؟ وسط الارهاب المتنقل والصمت المطبق بحق مطراني حلب بولس ويوحنا؟
الجواب هو أن يأتي كل واحد منا إلى هذه الدورة ليتعرّف إلى شرعة المحبّة وعدالة الانسان والتآخي الحقيقي بعيدًا عن المصالح وحب الذات وليتعلم كيفيّة تطبيق المصارحة الحقيقية.
ونوّه غبطته بجهود المطران منصور المبذولة في سبيل نهضة الأبرشيّة واصفًا إياه برجل الإنماء والحكمة والإيمان الحق.
وفي ختام كلمته قدّم غبطته للكنيسة إنجيلًا مقدّسًا”.
ومن بلدة الدورة، توجه موكب غبطته إلى كنيسة القديس جاورجيوس في بزبينا برفقة المطران باسيليوس منصور والوفد المرافق.
وكان في إستقباله النائب هادي حبيش ممثلا رئيسي الحكومة الشيخ سعد الحريري ومجلس النواب نبيه بري، الوزير السابق يعقوب الصراف، رئيس إتحاد بلديات الجومة ورئيس بلدية بزبينا طارق خبازي، كاهن الرعيّة الأب جرجس البيطار وفعاليات وحشد كبير من أهالي بزبينا وعين يعقوب.
وعليه، إرتدت زيارة غبطته في بزبينا حلة كنسية جديدة باتت أشبه بعرس أنطاكي يعجز اللسان من خلال عن ترجمة محبة أبناء بزبينا لشخص غبطته.
بعد الاستقبال، دخل البطريرك يوحنا على وقع إنشاد التراتيل إلى الكنيسة وأقام صلاة الشكر على نية أبنائها.
وفي كلمته، أوضح الأب جرجس البيطار أن أهالي بزبينا وعين يعقوب يعيشون معا ويتقاسمون الأفراح والأتراح، وهذا ما تعلمناه من غبطتكم ونحن قد تتلمذنا على أيديكم فكنتم قدوة لنا ويأتي إفتقادكم لنا اليوم لينير قلوبنا إلى دروب الحق والثبات والإيمان”. مقدما لغبطته عصا رعائية.
أما البطريرك يوحنا العاشر فقال:”
نحن في هذه الأيام نعيد للفصح المبارك ولقيامة السيد الذي قام من بين الأموات مستذكرين أيقونة القيامة التي تحمل معان ودلالات كثيرة تدل أن السيد قام كي يقيمنا معه ويزيل عنا الخطيئة وفساد العالم وخلاصه.
وتابع، أنتم أبناء القيامة يا أهالي بزبينا، أنتم هذه الأيقونة التي تحدثنا عنها، أنتم الإيمان المتجذر والمنغرس بقيم الآباء والأجداد، فابقوا على هذا الثبات مهما قست الأيام وهي قاسية لكننا دعاة سلام وسننتصر على التحديات بمحبتنا لبعضنا البعض وبإيماننا الذي لا تهزه الرياح”.
وإلى المطران باسيليوس منصور توجه بالقول: “أنتم الراعي الصالح والمثال الحقيقي في الإيمان”. مقدما للكنيسة إنجيلا مقدسا.
وبدوره، رحب رئيس البلدية طارق خبازي بغبطة البطريرك يوحنا مؤكدا أن زيارته تمدهم بالقوة والثبات في أرض الآباء والأجداد. مقدما لغبطته مفتاح بلدة بزبينا.
أما كشاف التربية الوطنية فقدم لغبطته درعا تكريمية.
وبدوره قدمت هيئة التيار الوطني الحر في بزبينا لغبطته أيقونة العذراء مريم.
بعد ذلك، انتفل الجميع إلى قاعة الكنيسة والتمس الشعب المؤمن بركة غبطته الأبويّة.
وفي الشق الرعائي التربوي، بارك البطريرك يوحنا المدرسة الوطنيّة الارثوذكسيّة في بلدة رحبة. وهناك قص غبطته شريط الافتتاح الرسمي للمدرسة بمشاركة رئيس مجمع فادي بربر التربوي ورئيس المجلس الاداري للمدرسة ورئيس بلديّة رحبة فادي بربر وكهنة وأساتذة وطلاب. وجالوا جميعًا في أرجاء المدرسة على وقع أغنية أداها طلاب المدرسة على شرف غبطته.
كما تحدث كل من مدير المدرسة الأب بولس كوسا ورئيس البلدية فادي بربر.
وشددت الكلمات التي تليت على أهميّة زيارة غبطته التي تؤكد أنّه بالثقافة نستطيع أن نبني الانسان.
وجرى تبادل للهدايا التذكاريّة وقدّم الأطفال رقصات فنيّة تعبيريّة احتفاء بقدوم ثالث عشر الرسل القدّيسين الأطهار البطريرك يوحنا العاشر.
كما تفقّد كنيسة القدّيس جاورجيوس في رحبة وتبارك من رفات شفيعها.