الكنيسة الأرثوذكسية المشرقية: الصوم إقلاع عكس الزمن الأرضي لبلوغ السماء
وطنية – إلتزم شعب الله في العهد القديم بالصوم كعلامة على تمسكهم بإلههم وتعبيرا منهم عن محبتهم وطاعتهم له. كذلك في العهد الجديد، للصوم مكانة هامة في المعتقد المسيحي وفي حياة المؤمن عموما، إذ التزمه رسل المسيح والمؤمنون على مر تاريخ الكنيسة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا.
فالصوم هو نفسه مع مرور آلاف السنين، مسيرة إيمانية الهدف الأول والأخير منها التوبة والعيش في حضرة الرب ومحبته، على حد قول المطران جورج خضر: “أنت تفرغ نفسك من الطعام أو من بعض من طعام، لتعترف أنك فقير إلى خبز الله، أنت تجوع إلى الله لا إلى طعام. كل ممارساتنا تروض إلى ان نتسربل الله بنعمته أي إذا ارتضانا. أنت لا تكسب الله بالصوم ، هو يكسبك بمحبته”.
هوية الكنيسة الأرثوذكسية
يعتبر النظام الصيامي الأرثوذكسي القديم، أول نظام صيامي كنسي في الكنيسة المسيحية. إنها الكنيسة المشرقية الأولى التي نشأت في المنطقة التي ولد فيها يسوع المسيح، وساهمت في انتشار الديانة المسيحية في الغرب. هي كنيسة الآباء والقديسين، الكنيسة المستقيمة الرأي بحسب اسمها – أرثوذكس، أي الطريق المستقيم – وتعود أهميتها بين الكنائس عموما، إلى أنها لم تغير في التقليد والتعليم الذي استلمته من المسيح والرسل والآباء القديسين.
تتألف الكنيسة الأرثوذكسية من كنائس مستقلة يتم تصنيفها بحسب البلاد التي توجد فيها، مثلا: الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، الكنيسة الأرثوذكسية الروسية… وجميعها متحد في مفهوم الأسرار الكنسية والمعتقدات والطقوس وإدارة الكنيسة، ولكن تقوم كل منها بتسيير شؤونها بصورة مستقلة وتتبع النظام المجمعي المقدس.
يدعى رأس كل كنيسة أرثوذكسية “بطريركا أو “مطرانا”، ويعتبر بطريرك القسطنطينية (إسطنبول – تركيا) هو البطريرك المسكوني أو العام ويعرف بأنه الأول بين نظراء متساوين، له إكرام خاص ولكن يتم اتخاذ القرار في المجمع الإنطاكي المقدس في حضور البطاركة والمسؤولين وهو من يعلن القرارات.
نعوس
وفي حديث إلى “الوكالة الوطنية للإعلام”، شرح الأب أغابيوس نعوس كاهن رعية مار الياس الأرثوذكسية – الرابية /مطيلب، “أهم مبادىء الصوم الكبير المقدس الذي يقسم إلى ثلاث مراحل تسمى بزمن “التريودي”، تتضمن مرحلة تحضيرية قبل بدء الصوم، مرحلة ثانية تسمى بالصوم الأربعيني ويليها صوم الأسبوع العظيم”.
عن فترة تهيئة الكنيسة المؤمنين لاستقبال عيد الفصح بزمن مبارك، قال: “تمتد فترة التهيئة للصوم مدة شهر ويتخللها أربعة آحاد تحضيرية: أحد الفريسي والعشار، أحد الإبن الشاطر، أحد مرفع اللحم وأحد مرفع الجبن. لا يصوم المؤمنون خلال الشهر التحضيري، هو استعداد وتحضير من الناحية الروحية وتكثيف الصلوات للدخول في زمن الصوم بالتوبة، وطلب الرحمة من الله لغفران الخطايا ونيل الخلاص”.
أضاف: “هذه الفترة تعتبر المرحلة الأولى من الجهاد في الصوم، حيث ترفع اللحوم عن الموائد في الأحد الثالث ويبقى الجبن لمدة أسبوع إضافي. فيما بعد ترفع كل الأجبان والمنتوجات الحيوانية في الأحد الرابع، وتبدأ رحلة الصوم يوم الإثنين الذي يسمى ب” إثنين الراهب”، إذ تحاول الكنيسة أن تصوم في هذا اليوم على مثال الرهبان، فلا يتناول المؤمن الطعام طوال النهار. وعند المساء بعد صلاة الغروب، يأكل البقول المرة دلالة على المرارة التي ستتحول في نهاية الصوم الى حلاوة الحياة الأبدية. تمتد هذه المرحلة الثانية من يوم ” إثنين الراهب” حتى غروب أحد الشعانين، أي أربعين يوما”.
أما عن القسم الثالث والأخير من الجهاد الروحي، فقال: “ينتهي الصوم الأربعيني المقدس بتذكار “إقامة لعازر” نهار السبت الذي يسبق أحد الشعانين، ثم يأتي صوم الأسبوع العظيم المقدس. تبدأ صلوات الأسبوع العظيم في الكنيسة الأرثوذكسية مساء أحد الشعانين، تمتد حتى قداس أحد الفصح وتتضمن: صلاة الختن، صلاة الزيت، أناجيل الآلام، إنزال المصلوب وقداس سبت النور”.
نصائح وإرشادات
وأكد الأب نعوس أن “الكنيسة الارثوذكسية تحث المؤمنين على التزام الصوم بشكل كامل، من منتصف الليل حتى ظهر الغد وتناول البقول والحبوب ومنتجات الأرض والتزام فترات الصلاة كل يوم في الكنيسة، صباحا وتسمى “سحرية الصوم” ومساء “صلاة النوم الكبرى”، من أجل دعم الروح والثبات في مسيرة الصوم التي تحلو للكثير من المؤمنين، بما تعود عليهم بفرح الجهاد الروحي من أجل التحرر”.
ودعا المؤمنين إلى “المشاركة في صلوات يومي الأربعاء والجمعة في القداس السابق تقديسه وصلاة مديح العذراء مريم مساء كل جمعة، موضحا أن القداس السابق تقديسه يوم الاحد، يؤخذ منه أجزاء من القربان المقدس ليتناولها المؤمنون بعد الصلاة في الكنيسة يومي الاربعاء والجمعة. وبما أن القداس هو مسيرة لحياة يسوع المسيح ومن ضمنها القيامة، لا يحتفل بالقداس العادي في هذه الفترة إلا يوم الأحد الذي يعتبر يوم القيامة، وفيه نهج الفرح والصلوات الإحتفالية حيث تقدس القرابين”.
وختم : “الصوم كنز لا ينتهي، لأنه تحرر من الأهواء الأرضية وإقلاع عن المسيرة اليومية الطبيعية التي يعيش فيها الإنسان في كونه المخلوق، ليكون منتزحا عن الأرض وملذاتها ويرتفع قلبه نحو السماء، مستشهدا بأقوال القديس أفرام السرياني: ” لأنك يا ابني إن أعطيت الأرض كل حياتك، ففي النهاية ستجود عليك بالقبر. ولكن إن أعطيت السماء جزءا من حياتك، فستجود عليك بالعرش”.
إن الصوم في الكنيسة الأرثوذكسية، تدريب للروح والجسد من أجل نقاوة القلب واستقبال النعمة الإلهية والاستعداد الدائم لسماع صوت الروح، لذلك هو منهج حياة المؤمنين الأتقياء الذين ينشدون ليل نهار، إلى أن يأتي يوم القيامة: ” قدوس الله…قدوس القوي…قدوس الذي لا يموت…إرحمنا”.
H αναδημοσίευση του παραπάνω άρθρου ή μέρους του επιτρέπεται μόνο αν αναφέρεται ως πηγή το ORTHODOXIANEWSAGENCY.GR με ενεργό σύνδεσμο στην εν λόγω καταχώρηση.
Ακολούθησε το ORTHODOXIANEWSAGENCY.gr στο Google News και μάθε πρώτος όλες τις ειδήσεις.