القدس – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم بأن المسيحيين في مشارق الارض ومغاربها يستعدون في هذه الايام لاستقبال الموسم الميلادي المبارك ، فزينات وانوار واشجار مضاءة في كل مكان والعواصم العالمية مزدانة بأنوار الميلاد ناهيك عن المحلات التجارية والتي اضحى فيها هذا الموسم موسما اقتصاديا تجاريا بامتياز .
رسالتنا كمسيحيين فلسطينيين الى الكنائس المسيحية في مشارق الارض ومغاربها والى كل اولئك الذين يستعدون للاحتفال بهذا العيد المجيد بأن تذكروا ان النور الحقيقي هو ذاك الذي سطع من مغارة بيت لحم .
لسنا من اولئك الذين يرفضون المظاهر الاحتفالية والزينات والانوار والاشجار المزدانة والمضاءة ولكن لا يجوز اختزال العيد بهذه المظاهر التعييدية الاحتفالية فما قيمة العيد بدون صاحبه وصاحب العيد هو من نحتفي بمولده اعني السيد المسيح وما قيمة هذه الانوار التي تتزين بها المدن والعواصم العالمية اذا ما تجاهل هؤلاء المحتفلون نور الميلاد الحقيقي الذي بزغ من فلسطين وتحديدا من مدينة بيت لحم ومغارتها المقدسة والمباركة .
اتمنى من اولئك الذين يضيئون اشجارهم ويستعدون لتقديم هداياهم ويتفاخرون بزينتهم واضواءهم بألا ينسوا طفل المغارة والا ينسوا بأن رسالة ذاك الذي ولد من اجل خلاصنا هي رسالة محبة واخوة ورحمة وسلام ، اقول اولا للرئاسات الكنسية المسيحية في عالمنا ومن كل الكنائس بأن تذكروا في هذا الموسم ان هنالك بقعة مقدسة من العالم اسمها فلسطين تتعطش للعدالة والسلام وابناءها يحرمون من الحرية والكرامة الانسانية ، تذكروا ان الذي ولد من اجل خلاصنا انحاز دوما للمظلومين والمعذبين والمهمشين ولم يكن في يوم من الايام الى جانب الظالمين على حساب المظلومين فقد كان دوما مع المرضى والفقراء والمهمشين والمعذبين والمظلومين والمحتاجين لكي يدخل الامل والرجاء الى نفوسهم وقلوبهم وحياتهم .
اليوم ارض الميلاد والتجسد والفداء والقيامة البقعة المقدسة من العالم التي اسمها فلسطين والتي اختارها الله لكي تكون مكان تجسد محبته نحو البشر فإن هذه الارض فيها شعب مظلوم وفيها شعب مكلوم ومتألم ومعذب .
وما اكثر الشهداء الذين سفكت دمائهم على مذبح الحرية وما اكثر الاسرى الذين فقدوا حريتهم الشخصية من اجل ان يكون الوطن حرا ابيا وما اكثر اولئك الذين يظلمون في كافة مفاصل حياتهم .
وما بين القدس وبيت لحم هنالك اسوار عنصرية تفصل الانسان عن اخيه الانسان وتفصل القيامة عن المهد وتقف حائلا امام انتقال الفلسطينيين من مكان الى مكان بحرية وكرامة .
اوجه ندائي الحار الى رؤساء الكنائس المسيحية في العالم شرقا وغربا بألا ينسوا فلسطين في صلواتهم وفي مواعظهم وفي كلماتهم ، طالبوا بان تتحقق العدالة في ارض تجسدت فيها المحبة الالهية نحو البشر ، طالبوا بأن يسود السلام في بلد ابناءه محرومون من السلام ويعاملون كالغرباء في وطنهم وفي ارض اباءهم واجدادهم .
عندما تدافعون عن فلسطين وشعبها المظلوم انما تدافعون عن المسيحية في مهدها وتدافعون عن اعرق حضور مسيحي في هذا العالم ومع احترامنا للمرجعيات الروحية المسيحية شرقا وغربا تبقى كنيسة بلادنا وارضنا المقدسة هي الكنيسة الاولى كما وصفها الدمشقي يوحنا بأم الكنائس .
لا يجوز ان تغيب القضية الفلسطينية من خطاباتكم ومن كلماتكم ولا ترضخوا للضغوطات والابتزازات الامريكية والصهيونية والتي لا تريد للمسيحيين ان يدافعوا عن فلسطين .
ان احد المتصهينين ادعى قبل ايام بأنه لا يجوز للكنائس المسيحية بأن تتدخل في شأن سياسي وهو يقصد بذلك القضية الفلسطينية ولذلك وجب ان نوضح له ولامثاله ولكل المعنيين بأن القضية الفلسطينية التي ندافع عنها ليست شأنا سياسيا فحسب بل هي قضية لها ابعاد اخلاقية وانسانية وروحية ، ان من يدافعون عن حقوق الانسان وقضايا العدالة في عالمنا يجب ان يلتفتوا اولا الى الشعب الفلسطيني المظلوم وعدالة قضيته.
سنبقى ندافع عن فلسطين واهلها وقضيتها العادلة ولا يهمنا على الاطلاق التحريض الذي نسمعه في بعض الاحيان والاساءات التي تطالنا في احيان اخرى في محاولة بائسة وفاشلة لاسكاتنا ونحن نقول بأننا سنبقى ندافع عن فلسطين حتى اخر يوم واخر دقيقة من حياتنا وما دام الدم ينبض في عروقنا .
نداءنا نوجهه الى الكنائس المسيحية في العالم بألا تتجاهل القضية الفلسطينية والا ترضخ للتضليل والتزوير والتشويه الذي يمارسه الصهاينة وحلفائهم في هذا العالم.
فلتكن رسالتكم في عيد الميلاد دعوة صادقة من اجل ان تتحقق العدالة في ارض سلبت منها العدالة ، تذكروا فلسطين وجرحها النازف وتذكروا سوريا والعراق واليمن ، تذكروا بأننا يجب ان نقف دوما الى جانب كل انسان مظلوم ومعذب في هذا العالم ايا كان لونه وايا كان عرقه او دينه او مذهبه .
فلسطين هي وطننا وحاضنة مقدساتنا ، فلسطين هي عنوان كرامتنا وحريتنا وحاضنة تراثنا وعراقة جذورنا في هذه البقعة المقدسة من العالم .
عندما ولد الطفل في المغارة اتى مجوس وقدموا له الذهب واللبان والمر ، أما نحن فما نريده منكم هو كلمة الحق التي يجب ان تقال في هذا الزمن الرديء حيث المصالح والاجندات وحيث المشاريع المشبوهة والتي لا تريد الخير لبلادنا وشعبنا ومشرقنا.
اوجه ندائي الى اصحاب القداسة والغبطة والنيافة رؤساء الكنائس المسيحية كافة في هذا العالم بألا تتنصلوا من مسؤولياتهم الاخلاقية والانسانية والروحية تجاه شعبنا وقضيته العادلة فهذه هي قضيتنا كمسيحيين كما هي قضية المسلمين وقضية كل انسان حر في هذا العالم .
وقد جاءت كلمات سيادة المطران هذه اليوم لدى استقباله وفدا من بعض الكنائس الامريكية .
28 Νοεμβρίου, 2019
سيادة المطران عطا الله حنا : ” نداءنا نوجهه للكنائس المسيحية في مشارق الارض ومغاربها بأن تبقى مدافعة عن ارض الميلاد والتجسد والفداء “
Διαδώστε:
Διαδώστε: