قداس إلهي احتفالي في الأول مِن شباط بكاتدرائية المخلص- موسكو
والبطريرك يوحنا العاشر في الذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل “أن الاضطهاد بمختلف أشكاله لا يمكن أن ينال من الكنيسة، إن أخلصت لمعلمها ولتقليدها وللحقيقة الروحية التي تحملها”.
قداسة البطريرك كيريل “أن الصليب هو في صدر الخدمة البطريركية”.
الأول من شباط ٢٠١٩
ليا عادل معماري، موسكو
مفردتان تلخصان القداس الإلهي الاحتفالي الذي أقيم في كاتدرائية المخلص- موسكو بمناسبة الذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل.
الأولى هي الشهادة للإيمان الأرثوذكسي والثانية هي الحفاظ على الكنيسة الأرثوذكسية وما بين المفردتين عبارة واحدة يكللها بياض الثلج الذي ترتديه الكاتدرائية والذي يؤكد أن الأرثوذكسية هي أرثوذكسية ملؤها السلام وشعبها شعب نهضوي يؤمن بالحياة الروحية ويفخر بأرثوذكسيته.
ووسط هذا البياض السلامي،
أقام قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا، غبطة البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، رئيس أساقفة بيتش متروبوليت بلغراد وبطريرك صربيا قداسة البطريرك إيريناوس، القداس الإلهي الاحتفالي المهيب بمشاركة المئات من الأساقفة وممثلي الكنائس الأرثوذكسية والرهبان والراهبات والكهنة والشمامسة والعلمانيين وفعاليات رسمية من الدولة الروسية، جميعهم وفدوا لمشاركة الكنيسة الروسية الأرثوذكسية احتفالها بالذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل.
ما زين هذا القداس الاحتفالي هي تلك التراتيل التي عانقت الأرثوذكسية حيث خرجت من قبب الكاتدرائية أصوات المرتلين ليعلنوا الفرح ويبثوا الرجاء إلى كل أصقاع العالم الأرثوذكسي بأنه لا خوف على وحدة الكنيسة الأرثوذكسية الثابتة والمتجذرة في عمق التاريخ.
وإذا ما تعمقنا أكثر في قراءة القداس روحيًّا يتراءى للمؤمن التوهج الأنطاكي المتميز بشخص غبطة البطريرك يوحنا العاشر والوفد المرافق له الذي رفع أسم أنطاكية بمكانته ومواقفه ومحبة الشعب الانطاكي للشعب الروسي.
أمّا بعد، فقد بلغ التوهج الأنطاكي ذروته مع تلاوة كلمة البطريرك يوحنا العاشر الذي قال:
” بتأثر عميق، وبعد سماع كلماتكم الحكيمة والهادئة والمعزية يا صاحب القداسة، أعبّر عن فرحي لوجودي بينكم في هذا اليوم المبارك، وإذ نشكر الله الذي اختاركم منذ عشر سنوات لتتبوؤوا سدة البطريركية، هذه السدة التي زينها أسلافكم العظام ومن بينهم البطريرك تيخن، وها هنا يحضرني جهاد عائلتكم الكهنوتية، التي التصقت بالكنيسة في أحلك ظروف تاريخها، والعذابات التي تكبدها جدكم الكاهن، وأبوكم الكاهن، وهي عذابات شاركتم بها كعائلة أرثوذكسية، أبناء كنيستكم المجاهدة والمعترفة، في مصيرها.
واضاف غبطته، في هذا اليوم المبارك، نشكر الله، الذي قواكم بنعمه وحنانه لكي تجوزوا هذا الآتون الملتهب، والذي اعطاكم أن تفرحوا بصوت أجراس الكنائس التي كانت قد صمتت، تقرع من جديد على أراضي روسيا، وأن تشاهدوا المدن وقد عادت تجملها قبب الكنائس والصلبان المذهبة، وكم نراكم أيها الأخ الجليل، أن تقودون كنيسة روسيا الشقيقة، في زمن الحرية، بعد أن شهدتم للإيمان الأرثوذكسي في زمن الإلحاد والاضطهاد، وأن نراكم توظفون كل خبرتكم الروحية التي تغذت ببطولة الشهداء والمعترفين الجدد في كنيستكم، في إعادة بناء وإحياء ونهضة الكنيسة الروسية التي تزدهر الحياة الروحية فيها اليوم.
ورأى غبطته، أن تاريخ الكنيسة الروسية الأرثوذكسية يشهد في زمن الإلحاد، أن الشرير في حربه على الكنيسة، قد استخدم كل الوسائل الممكنة، وقد عمل في بعض الأحيان من خلال أبناء الكنيسة ورعاتها لإضعافها من الداخل، من خلال إثارة الاضطرابات والانشقاقات فيها. ولكن التاريخ ذاته يعلمنا، أن الاضطهاد بمختلف أشكاله لا يمكن أن ينال من الكنيسة، إن أخلصت لمعلمها، ولتقليدها، وللحقيقة الروحية التي تحملها.
وأوضح البطريرك يوحنا إلى أنه وفي وسط العاصفة التي تواجه المسيحية عمومًا والأرثوذكسية خصوصًا، نحن مطالبون أكثر من أي يوم مضى بتفعيل تعاوننا الأخوي، وتعزيز الروابط بين الكنائس الأرثوذكسية الشقيقة، والشعوب التي ترعاها.
كم لم يغب عن بال غبطته من أن يستذكر الهم الأنطاكي وما تعانيه الكنيسة الأنطاكية مِن آلام وضيقات سائلاً الرب أن يزرع سلامه في ربوع روسيا وسائر البلدان العربية وأن يعيد كل مخطوف ومهجر إلى دياره وعلى رأسهم المطرانين بولس ويوحنا.
وتمنى غبطته لقداسة البطريرك كيريل دوام الصحة والعمر المديد مقدمًا لقداسته عصا رعائية من صنع دمشقي كي يحمل في قلبه الكنيسة الأنطاكية.
بعد ذلك، وعلى وقع هتاف مستحق، تحدث قداسة البطريرك إيريناوس عن معنى المناسبة ومشيدًا بإنجازات ومواقف قداسة البطريرك كيريل.
وفي الختام، تحدث قداسة البطريرك كيريل قائلا:
” لقد أقمنا الصلاة سويًّا من أجل السلام في العالم وحسن ثبات كنائس الله المقدسة واتحاد الجميع، إنه وفي يوم الانتخاب لعرش بطريركية موسكو وعندما تمت الإرادة تحت قبة هذه الكنيسة العظيمة من خلال أعمال المجمع المكاني المقدس للكنيسة الروسية تيقنت وشعرت بأن الصليب هو في صدر الخدمة البطريركية.
وتابع قداسته، الآن وأنا أقف في هذا المكان المقدس يمكنني أن أشهد أمام الله وأمامكم بأنه بالحقيقة إن ثقل هذا الصليب عظيم وأنه لولا العون من فوق وصلاة الكنيسة بكاملها لكان من المستبعد بأن تستمر القوى البشرية في حمله.
وختم، أود أن أعبر عن امتناني الخاص لرؤساء الكنائس المحلية وللموجودين وللذين لأسباب مختلفة لم يستطيعوا المجيء إلى موسكو. كما أنه يشرفني ويفرحني أن أعمل مع البارزين من رؤساء الكهنة الأول في تقوية الوحدة الأرثوذكسية والمحافظة على كنيسة الله من الانقسام.
وإن ما يحدث في الكنيسة الروسية من وقائع لا شك أن لها أهمية ثقافية وتبشيرية واجتماعية. غير أنه وفي المقدمة أن التبشير الكنسي كان دائمًا وسيكون بصورة دائمة الخلاص، أن ينير كل إنسان آت إلى العالم”.