مطرانية الروم الأرثوذكس – المركز الإعلامي
إنَّ الموسيقى البيزنطية فَنٌّ كنسيٌّ مُمَيَّز، فهي تمنحُ صلواتنا غِبطَةً روحية وتَرفَعُها بخشوعٍ مِنَ الأرض إلى السماء مُستقيمةً كالبخورِ للعَلاءِ مِنْ خلال شفاعات وتضرُّعات والدة الإله وجميع القدّيسين، حتى تَصِلَ أمامَ العرشِ الإلهيِّ الرهيب.
حينما تصدح كنائسنا المُقدّسة وقلوبنا معها بالألحان الخشوعية المملوءة بالصلوات والتسابيح والتَّماجيد نحوَ ربنا وإلهنا ومُخلّصِنا يسوعَ المسيح، حينها نَحْيا عِظَمَة سِر التدبير الإلهي الصائِر لخلاصِ الجنسِ البشريِّ كافّةً.
إنَّ الترتيل الكنسي وأنماطِهِ ليسوا بطَقسٍ ليتورجيٍّ فقط، بل هم حياةٌ وطريقٌ للخلاص. وعندما وَضَع الآباءُ القديسون الألحان البيزنطية وأنماط التراتيلِ الليتورجية ورَسَّخوها من خلال القوانين الموسيقية، كانَ هذا باستنارةٍ مِنَ الرُّوحِ القُدُس وعَمَلِ مواهِبِهِ فيهِم. وكُلُّ لحنٍ له طابعهُ الخاص، فعلى سبيل المِثال، إنَّ للحنِ السابع طابع الانتصار، فنُرَتِّل متهلّلين: “حَطَّمتَ بصليبكَ المَوت…” و “أيُّ إلهٍ عظيم مثلَ إلهِنا…”، وللحن الثالثِ طابع الفرح، فنُرَتِّل مُبتهجين: “لتفرح السماويات وتبتهج الأرضيات…”، وحينَ ترتيلِ كلماتٍ تتعلّقُ بالخطيئة أو التوبة مثلاً، حينها ننتقل إلى اللحن السادس أو الثاني واللذان يمتلكان خاصّية المسمع اللحني الحزين.
فمن هذا المُنطلق ولأجل استمرارية رسالة سائر كل مَنْ خدَمَ في الترتيل مِنَ آباءِنا وأجدادنِا في كنائسنا المُقدّسة في أردننا الحبيب، سعى صاحب السيادة المطران خريستوفوروس بدعم ونشر هذا التسليم الموسيقي الشريف بين أبناء وبنات الرعايا من خلال تأسيس مدرسة “بسالتيريون” للموسيقى البيزنطية وفن الترتيل الكنسي بقيادة الأستاذ شكري خوري.
بدأت جهود تأسيس هذه المدرسة منذ أقل من عام، وابتدأت مسيرتها في أوّل صيف 2019 بأوّل دورة تأسيسية مع 40 شاب وشابة لديهم الشغف والرغبة لتعلم فن الترتيل الكنسي على أصوله البيزنطية العريقة ليصيروا مُرتلين في كنائسنا الموقّرة.
وفي بداية خريف 2019 فتحت المدرسة أبواب التسجيل مُجَدَّداً لتَضُم عدداً جديداً لتعلُّم هذا الكنز والفن الكنسي المُميز.
وكما كانت قد ابتدأت خلال دورة صيف 2019 مسيرة التعليم أيضاً في جنوب المملكة ومركزها قاعة كنيسة القديس جاورجيوس – الكرك، وفي بداية خريف 2019 ابتدأت دورات في شمال المملكة أيضاً في مركَزَيْن، الأول في قاعة كنيسة القديس جاورجيوس – إربد، والثاني في قاعة كنيسة الروح القدس – عجلون.
ما زال عمل الرب ينمو وينتشر في كنيسته ليخرج لنا أجيال حافظين ومستقيمين على التعليم الأرثوذكسي والفن البيزنطي ليكونوا جنوداً مُسلّحين بنورِ المعرفةِ والحكمةِ والتسبيح.