إحتفلت البطريركية الأورشليمية والكنائس الاورثوذكسية في الأراضي المقدسة صباح يوم االأربعاء الموافق 28 آب 2019 (15 آب شرقي) بعيد رقاد الكلية القداسة والدة الإله والدائمة البتولية مريم العذراء.
في دير الجسثمانية حيث يوجد قبر السيدة العذراء المقدس ترأس غبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي الإحتفالي يشاركه السادة المطارنة من المتروبوليتيين ورؤساء الأساقفة وآباء ورهبان أخوية القبر المقدس وممثلين عن الكنيسة اليونانية.ورتلت التراتيل الخاصة وطوروبارية العيد “في ميلادك حفظت البتولية وصنتها، وفي رقادكِ ما أهملت العالم وتركته يا والدة الإله، فإنك انتقلت الى الحياة يا ام الحياة فبشفاعتك أنقذي من الموت نفوسنا” بالعربية واليونانية على مسامع جميع الحاضرين والمشاركين بهذا القداس الاحتفالي.
وحضر القداس الالهي القنصل العام لليونان في القدس السيد خريستوس سفيانوبولوس وعدد كبير من المصلين المؤمنين من البلاد والزوار الحجاج القادمين من اليونان وروسيا ورومانيا وقبرص وبلدان أخرى. وفي أجواءٍ ساد فيها الخشوع والصلاة، نالوا نعمة القربان المقدس بعد صيام العذراء الذي استمر نحو أسبوعين.
كلمة البطريرك تعريب :قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي
إن العذراء التي هي أرفع سموّاً من السماوات. وأشرف من الشاروبيم. وأكرم من كل الخليقة. والتي لمزيد طهارتها صارت إناءً للجوهر الأزلي. تودع اليوم نفسها الكلية القداسة في يدي إلهنا. فتمتلئ معها كل البرايا فرحاً. وننال نحن بها عظيم الرحمة. هذا ما يتفوه به مرنم الكنيسة.
أيها الإخوة المحبوبون في المسيح
أيها الزوار الأتقياء
إن أم الله ووالدته الفائقة البركات المجيدة الدائمة البتولية مريم قد جمعتنا من أقطار الأرض إلى هذا المكان والموضع الفائق القداسة حيث قبرها أي قبر أم الإله لكي نُعيد اليوم بانتقال نفسها وجسدها الطاهر من الأرض إلى السماء، أي رقادها المقدس.
إن نطوّب والدة الإله العذراء مريم ونغبطها وذلك لأن المسيح إلهنا الذي لا يسعه مكان قد ارتضى أن يوسع فيها، وذلك يعني أن كلمة الله ربنا يسوع المسيح ومخلص العالم قد تجسد من دمائها النقية.
إن مريم البتول التي من الناصرة التي أصبحت أم الله ووالدته، فهي الوحيدة في النساء التي تُعظمها وتُغبطها كافة الأجيال وذلك بحسب شهادتها الصادقة التي تقول فيها لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، (لوقا 1: 48-49)
وكما يقول الآباء القديسين إن هذا يعود لتواضع مريم العذراء العظيم. فإن المسيح لم يتجسد ويولد منها صدفة ولكن بسبب تواضعها العظيم، هذا التواضع، الذي أحبه الله لهذا فإن (الله) رفعها وكرّمها لأنها أي العذراء مريم قد اقتدت بتواضع الله الذي أخذ صورة عبد كما يقول في إشعياء وَإِلَى هذَا أَنْظُرُ: إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي. (إشعياء 66: 2)
إن موت ينبوع الحياة أي العذراء مريم القابلة الإله قد كان موتاً بدون فساد جسدي. وهذا الموت صار عبوراً من الحياة الوقتية الأرضية إلى الحياة الإلهية التي حقاً لا تزول كما يرنم مرنم الكنيسة: إن موتك يا نقية قد صار مرقاةً إلى الحياة السرمدية الفُضلى فإنه نقلك يا طاهرة من الحياة الوقتية إلى الحياة الإلهية التي حقاً لا تزول لكي تُشاهدي ربكِ وابنكِ مبتهجة.
إن السر العظيم لتأنس وتجسد كلمة الله مخلصنا يسوع المسيح من دماء الطاهرة والدة الإله مريم من الروح القدس من جهةٍ، وسر رقاد أو بالأحرى الانتقال الشريف لسيدتنا المجيدة الفائقة البركات والدة الإله العذراء مريم من جهة أخرى يُشكلان الجوهر والهدف اللذان لا يُدركا للجسد السري للكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية الذي نحن أعضاءه. فبكلامٍ آخر ما حصل للعذراء مريم أي انتقالها إلى السماء هو مصير كل المؤمنين في نهاية الأزمنة التي هي القيامة من بين الأموات.
إن عيد أم الإله في هذا اليوم أيها الإخوة الأحبة يدعونا ويحثنا أن نسمع أقوال الفائقة القداسة قائلةً: أَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ،وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلٍ وجيل لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. (لوقا 1: 49-50). لهذا فإن العذراء الطاهرة مريم تتحدث عن تحنن الله ورحمته لجميع الذين يخافون الله ويتقونه. لذلك فإن القديس ثيوفيلكتس يُعلق قائلاً: بأن رحمة الله ليست فقط للعذراء بل هي لجميع الذين يخافون الله ويتقونه.
أما القديس بولس الرسول فيصلي من أجل كمال المسيح في المسيحيين قائلاً: أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ ولِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ،وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ. (أفسس 3: 14-19)
إن ملئ معرفة محبة المسيح قد عرفتها وحدها والدة الإله الدائمة البتولية مريم التي صارت أماً لكلمة الله أي أم المسيح. لهذا فإننا مع المرنم نهتف ونقول: افرحي يا ممتلئة نعمة الرب معك أيتها الأم العذراء التي لا عروس لها. فابتهلي مع ابنك وإلهنا طالبةً أن يرحمنا ويُخلص نفوسنا ويمنح السلام للعالم ولمنطقتنا.
آمين
بعد انتهاء خدمة القداس الالهي، استضاف الرئيس الروحي لدير الجسمانية ورئيس أساقفة أبيلا كيريوس ذوروثيوس في قاعة الدير غبطة البطريرك مع السادة المطارنة والآباء من أخوية القبر المقدس وجموع المصلين، حيث تبادل الجميع المعايدات وأخذ المؤمنون فرصة نيل بركة غبطة البطريرك في هذا اليوم العظيم.
وفي بلدة عابود الواقعة قرب مدينة رام الله ترأس خدمة القداس الالهي سيادة رئيس أساقفة سبسطية كيريوس ثيوذوسيوس في كنيسة رقاد السيدة العذراء.
مكتب السكرتارية العام