استشهاد والديه:
كان والدا القدّيس وهما ثيؤدوتس وروفينا حارّين في الروح، مواظبين علي العبادة، يفتقدان العائلات ويثبتانها في الإيمان، ويخدمان الفقراء والمحتاجين فاحبهما الشعب جدًا. لكن عدو الخير أوعز إلي بعض الناس أن يشوا بهما لدي الحاكم الكسندروس.
استدعاهما وأمرهما بعبادة الأوثان، وإذ رفضا جلدهما وألقاهما في السجن. وإذ لاحظ إصرارهما علي الإيمان، أرسلهما إلي فوستوس حاكم قيصرية، وكانا قد تعبا جدًا من طول السفر علي الأقدام بغير طعام. هدّدهما فوستوس بالقتل، أمّا هما فلم يباليا بالتهديد.
سقط ثيؤدوتس ميتًا بسبب التعب الشديد، ثم ولدت روفينا طفلاً ذكرًا وماتت في الحال قبل أن تدعوه باسم معين.
هكذا وُلد الطفل في السجن ولم ينظراه والداه.
دعوته ماما أو ماماس:
ذهبت إلى السجن ودّبر لها الرّب أن تستلم الطفل، وأن تأخذ الجثمانين حيث دفنتهما في بستان كانت تملكه، وكانت تفوح منهما روائح عطريّة.
اهتمت أميا بالطفل وحسبته وديعة السماء لها.
كبر الطفل وكان ينادي والدته التي تبنّته “ماما” (باليونانية ماماس)، ولفرحها الشديد به كانت تناديه “ماما”.
تمتّع بكلمة الإنجيل وتعلّم الصلاة، وكان يفرح بسير القدّيسين الشهداء، خاصة سيرتيّ والديه. وفي الخامسة من عمره التحق بمدرسة الكنيسة حيث تعلّم الكثير عن الكتاب المقدّس.
إذ بلغ الثانية عشر من عمره، ماتت مربيّته أميا،، فقدم كلّ ما ورثه عنها للكنيسة التي قامت بتوزيعه علي الفقراء.
كان يشهد للسيّد المسيح بين الوثنيين فاجتذب كثير من الشبان للإيمان.
ماما والأسد:
يذكر القدّيس باسيليوس والقدّيس غريغوريوس النزينزي عن القدّيس ماما أنّه كان راعيًا للغنم بقيصريّة كبادوكيا. اهتم برعاية بعض الأغنام حيث كان يشرب من لبنها ويصنع جبنًا. وكان منذ حداثته يسعى إلى ملكوت الله من كلّ قلبه، فكرّس نفسه للخدمة.
اجتمع حوله كثيرون، فكان يشهد للسّيد المسيح ويكرز ببشارة الخلاص، كما كان يهتم بإطعامهم جسديًا.
وبسبب إيمانه، تحمّل تعذيبًا وحشيًا بكلّ فرحٍ إلى أن نال إكليل الشهادة حوالي سنة 275م.
بحسب التقليد الشرقي. استشهد القدّيس ماماس في زمن الإمبراطور أوريليان Aurelian عن طريق الرجم بينما كان ما يزال حدثًا. ولكن التقليد الغربي يذكر عنّه أنّه تعرّض لتعذيب طويل جدًا منذ كان حدثًا إلى أن صار شيخًا.
وشي به أهل الشبّان الذين قبلوا الإيمان لدي الحاكم الجديد ديمقريطوس، فاستدعاه وحاول إغراءه فلم يفلح. بُعث به إلى الإمبراطور الذي استخفّ به كصبيّ صغير.
أمر الإمبراطور بضربه بالعصيّ حتى تهرأ جسده وأودع في السجن. أوقدوا نارًا لإرهابه، أمّا هو فاشتهي أن يُقدم محرقة للرّب. لم يُلق في النار إذ لم يصدر الإمبراطور أمرًا بذلك.
أمر الملك بربطه بالسلاسل وطرحه في البحر، لكن عناية الله أنقذته إذ قذفته الأمواج الي الشاطئ، وانطلق ماما إلي التلال المجاورة وسكن بين الوحوش كصديقٍ لها.
ثم أطلقوا عليه أسدًا ضخمًا فكان يلعق قدميّ الشهيد، وحين ذهب الجنود المُعَذِّبين لرؤيته أمسكهم الأسد وألقاهم عند قدميّ الشهيد.
اتهامه بالسحر:
حسده عدو الخير فأثار البعض ضده، إذ وشوا ضده لدى حاكم المنطقة وادعوا أنّه ساحر. أرسل إليه جماعة من الجند للقبض عليه، فاستقبلهم بكلّ محبّة وبشاشة، واستأذنوه أن يذهب معهم إلي الحاكم.
شهد الجند بأنه ليس ساحرًا ولا بالإنسان الشرّير. اغتاظ الحاكم فأرسله إلى الإمبراطور الذي أمر بتعليقه وتمشيط جسمه وتقطيع لحمه ثم إلقائه في السجن.
ضمد الرّب جراحاته، فجاء إليه المسجونون وكانوا يئنون من شدة الجوع، فصلّى لأجلهم، وأرسل الله لهم من يقدّم لهم طعامًا، ثم انفتحت أبواب السجن وخرج المسجونون.
أمر الإمبراطور بإلقائه في أتون نار، وإذ سقطت أمطار غزيرة انطفأت النيران. أمر الإمبراطور بقطع رأسه فسلّم الروح، وكان عمره حوالي 15 عامًا. دُفن في مدينة قيصريّة الكبادوك بآسيا الصغرى.
روى أورفيوس Orpheus عنه أنّّه خرج ليعيش في القرية مع الحيوانات، وكان يتغذّى على اللبن والعسل. ولمّا أطلق عليه المُعَذِّبين الحيوانات المفترسة، عاملته الوحوش كراعٍ وسط حملانه، فكانت تستلقي عند قدميه في خضوعٍ وسعادةٍ.
ثم أطلقوا عليه أسدًا ضخمًا فكان يلعق قدميّ الشهيد، وحين ذهب الجنود المُعَذِّبين لرؤيته أمسكهم الأسد وألقاهم عند قدميّ الشهيد.