تدشين كنيسة القديس سابا في مدينة يافة الناصرة
ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يوم السبت الموافق 12 تشرين أول 2019 تدشين كتدرائية القديس سابا في يافة الناصرة اليوم، وخدمة القدّاس الإلهي بعد التدشين, وكان في إستقبال الوفد البطريركي كشافة مار سابا مع أبناء ووجهاء الرعية. شارك غبطته سيادة المتروبوليت كيريوس كيرياكوس، وسيادة المطران كيريوس فليمينوس، وسيادة المطران كيريوس يواكيم، ولفيف من الكهنه والشمامسة من أخوية القبر المقدّس، ورئيس دير القديس سابا في بيت ساحور مع رهبان الدير.
ورتلت خدمة القداس الإلهي وقراءة الإنجيل باللّغتين العربية واليونانية، وحضر عدد كبير من أبناء الرعية والضيوف للمشاركة في هذا اليوم المقدس.
خلال القداس ألقى غبطة البطريرك كلمة روحية في هذه المناسبة:
كلمة البطريرك:تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي
إنَّ المسيحَ بحضورِهِ أنارَ كلَّ البرايا. وجدّد العالمَ بروحهِ الإلهي. فالنفوسُ تتجدّدُ. لأنه كُرّس الآن بيتٌ لمجدِ الرب وجلالِه. فيه يجدد المسيحُ إلهنا قلوبَ المؤمنين لخلاصِ البشر. هذا ما يقولُه مرنّمُ الكنيسة.
أيها الإخوة المحبوبون في المسيح
أيها المسيحيّون الأتقياء
اليوم جمعتنا نعمة الروح القدس في مدينة يافة الناصرة المجاورة لمدينة الناصرة لكي نتمم تدشين هذه الكنيسة المبنية حديثاً لمجد الله الواحد القدوس المثلث الأقانيم ولإكرام أبينا البار سابا المتقدس. إن ربنا وإلهنا قد أظهر قديماً لموسى المعاين الله على سيناء الِمظلةَ غير المصنوعة بيدٍ ممثلاً بذلك كنيسة المسيح والتي هي بحسب القديس بولس الرسول التي هي جَبَلِ صِهْيَوْنَ الروحي، وَمَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. (عبرانين 12: 22)
وبحسب شهادة القديس متى الإنجيلي فإن يسوع المسيح قال لتلميذه بطرس:”أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. (متى16 :18) وذلك لأن الكنيسة هي جسدُ المسيح السري والمسيح هو رأس الكنيسة كما يُعلّم الحكيمُ بولس إذ أن الله الآب قد جَعَلَ رَأْسًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ، الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ. (أفسس 1 :22-23)
وأما ناظمُ تسابيح تدشين الكنيسة فإنه يؤكد بكل وضوحٍ على أهميةِ هذا الحدث، ومستلهماً من أقوال الإنجيلي يوحنا اللاهوتي قائلاً: لما وافى الكلمة بالجسدِ وأقامَ بيننا. كتبَ ابن الرّعد، الإنجيليّ يوحنا، بإلهامٍ يقول: لقد عاينّا جلياً المجدَ الذي كانَ للابنِ منَ الآبِ بنعمةِ الحقّ. وأمّا نحنُ الذينَ اقتبلناهُ بإيمانٍ فقدْ أعطانا كلَّنا سلطاناً بأنْ نكونَ أبناءَ الله. وقدْ أُعيدتْ ولادتُنا لا من دمٍ ولا من مشيئةِ لحمٍ بل من الروح القدس. فَنَموْنا وشيَّدنا بيتاً للصلاة. فنهتف قائلين ثبّتْ يا رب هذا البيت.
وبكلامٍ آخر نحن الذين اليوم قدْ أُعيدتْ ولادتُنا من الروح القدس، ونَموْنا بالمعمودية المقدسة ولبسنا المسيح فشيَّدنا بيتاً أي هيكل صلاة تفرحُ فيه السّماوياتُ وتبتهجِ الأرضياتُ حيث تتبارك الخليقة ويُسجد للخالق وحيث فيه أيضاً يكون مجد ربنا يسوع المسيح إذ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا. (كولسي 2: 9)
يقول الرب “اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا (يو 4: 14). إن هذا الروح أي الروح القدس أي روح المسيح هو الذي يُثبت هذه المؤسسة ويجعلها تستمر وتحيا كما يهتف المرنم قائلاً: إن الروح القدس يرزق كل شيء يفيض النبوَّة يكمّل الكهنوت وقد علَّم الحكمة للعديمي الكتابة وأظهر الصيادين متكلمين باللاهوت يَضُمّ كل شرائع البيعة. وعدا عن ذلك ما تفوه بهِ الرب بفم حزقيال النبي قائلاً: أُعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ. وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي، وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَ بِهَا. (حزقيال 36 :26 -27)
إن هذه الأقوال النبوية توضح بأن خدمة التدشين تخص بالأساس إلى تجديد نفوسنا وأجسادنا بالروح القدس ونقول هذا سامعين لكرازة القديس بولس الرسول قائلاً: أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ. (1كور 3: 16). وفي مكان آخر أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ (2كور 6: 16)
إن من استطاع أن يتجدد بالروح القدس أي أن يمتلك قلباً جديداً وروحاً جديداً هو أبينا البار سابا المتقدس الذي أصبح مواطن آوروشليم السماوية أي كَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ (عبرانيين 12: 23)
فهذا هو السبب الذي من أجله تُدشن الكنائس مكرمةً القديسين وأبرار الله وبالأخص سيدتنا الفائقة القداسة والدة الإله الدائمة البتولية مريم أم الله لأنه كما يقول داؤود النبي في المزمور عجيبٌ هو الله في قديسيه (مزمور 67: 36)
حقاً إن الله عجب أبينا البار سابا وقد أوضحه هيكل الله الحي وجسده غير بالٍ إلى الآن يفيض طيباً مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا مِنَ بين الأَمْوَاتِ. (رومية 1: 4)
إن كنيسة أبينا البار سابا المتقدس والتي دشناها اليوم في نواحي مدينة الناصرة، مدينة بشارة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم يشكل شهادة صادقة عبر العصور لتجسد لظهور سر محبة الله للبشر في شخص كلمة الله المتجسد يسوع المسيح الذي تجسد من دماء النقية العذراء مريم الممتلئة نعمة.
لهذا فإننا نهتِف قائلين: “عظيمٌ أنت يا رب وعجيبةٌ أعمالك وليس من كلام يفي بتسبيح عجائبك. ومع القديس صفرونيوس بطريرك أوروشليم نهتفُ بفرحٍ وابتهاجٍ قائلين: اليوم فُتح الفردوس للبشر وأشرقت لنا شمس البر اليومُ يُعيّد العلويّون مع السفليّين ويُناجي السفليّون العلويّين. اليوم يتهللُ محفلُ الروميين الأرثوذكسيين الشريف، الجهيرُ الصوت مبتهجاً وقائلاً مع القديس يوحنا الدمشقي هاتفاً: افرحي يا صهيون المقدسة أم الكنائس ومسكن الله لأنك أول من نال صفح الخطايا بالقيامة.
لهذا أيها الإخوة الأحبة إننا مدعوون من إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح أن ندخل إلى هذا البيت مسكن الإله الذي قائلاً لنا تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. (متى 11: 28)
ختاماً نطلب إليك يا رب متضرعون كما أظهرت مجدك لتلاميذك وأرسلت عليهم روحك القدوس بعد قيامتك من بين الأموات وصعودك الإلهي إلى السماوات، جدد في أحشائنا روحاً مستقيماً وبروح رئاسي اعضدنا، تقبل صلواتنا بتوبة واقبل هذه الذبيحة الشكرية غير الدموية بإيمانٍ لأولئك الذين يحبون بهاء بيتك.
آمين
بعد القداس الإلهي إستُقبل الحضور في قاعة الكنيسة حيث القيت الكلمات الترحيبية وتبادُل الهدايا، وقدم غبطة البطريرك صليب القبر المقدس للسيد ناجي عبيد رئيس المجلس الملي الأرثوذكسي تكريماً لعطائه وجهده الجبّار في بناء كتدرائية القديس سابا لرعيته في يافة الناصرة. وعلى مائدة المحبة القى صاحب الغبطة الخطاب التالي:
كلمة البطريرك:تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي
فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. (متى 5: 16)
حضرة السيد رئيس لجنة الوكلاء المحترمين
السادة ممثلي الحكومة المحترمين
أيها الإخوة المحبوبون بالرب يسوع
السادة الحضور مع حفظ الألقاب والمسميات
لقد رفعنا اليوم الحمد والشكر للإله الواحد المثلث الأقانيم الذي أهلنا اليوم أن نتمم تدشين هذه الكنيسة المبنية حديثاً في مدينتكم، المشيدة لإكرام أبينا البار سابا المتقدس.
إن فرحنا في هذا اليوم المبارك فرحٌ عظيم حقاً وذلك لأنه قد تم في مدينتكم تقديم بيت للصلاة وللعبادة وهذا عملُ خير عظيم لرعيتنا المسيحية. قد تم تقديم اليوم بيت لله حيث جميع الناس المتعبين والثقيلي الأحمال يجدون فيه راحةً كما يقول الرب تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. (متى 11: 28)
إن فرحنا بالمسيح هو أيضاً عظيم وذلك لأن كنيسة الله الحي والتي أعني بها هذا الشعب التقي ورعية بطريركية الروم الأرثوذكس الآوروشليمية. فإن هذه الرعية تعطي الشهادة بالفعل والعمل من خلال مشاركتها في الحياة الليتورجية وبعمل الكنيسة، وأيضاً مشاركتها في النشاطات الاجتماعية الرعوية والتي تُقام تحت الإشراف الروحي لقدس الأب جبرائيل نداف والذين يعاونوه، ونخص بالذكر سيادة المتروبوليت كيريوس كيرياكوس متروبوليت الناصرة رئيس رعاة رعيتكم المباركة.
إن هذا التعاون الرائع والمشترك بين الراعي الروحي وبين الرعية، قد أعطى ثماره الجميلة وقد أتى بنهاية مباركة وهي الاتمام والانتهاء من الأعمال في هذه الكنيسة المقدسة التي دشناها اليوم سوية، كنيسة أبينا البار سابا المتقدس.
ومن الجدير بالذكر أن نقول بأن الكنيسة بما أنها مكان عبادة وصلاة لله المحب البشر فهي تشكل أيضاً الضمان لجذور وهوية أعضاء الكنيسة وبالأخص الشباب.
ونقول هذا لأن عصرنا الحالي عصر التطور السريع للتكنولوجيا وللإلكترونيات فهذا يُشكل اضطراب في العالم بشكل عام وفي الشباب بشكلٍ خاص من جهة، ومن الجهة الأخرى يطرح التشكك في القيم الروحية والأخلاقية التي للكتاب المقدس، الذي يشكل النبع الذي لا يفرغ للإيمان السليم في الله وفي محبته للبشر وفي رحمته العظمى فإنه لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ (متى 16: 26).
وأيضاً إننا ننتهز هذه المناسبة السعيدة والمباركة ونود أن نؤكد لكم أيها الإخوة الأحبة، بأن بطريركية الروم الأرثوذكس الآوروشليمية ستظل أمينة لرسالتها المقدسة ومكرسةً نفسها لها من أجل الحفاظ على المزارات والأماكن المقدسة ولرعيتها المسيحية ولاحتياجاتها.
ختاماً أود أن أعبر عن شكري الكبير لجميع الذين شرفونا اليوم بحضورهم في هذا اليوم العظيم يوم التدشين وبالأخص للسادة الوكلاء وأعضاء الجمعية السيدات والشباب، المجموعة الكشفية والذين أخذوا على عاتقهم إنجاح وتنظيم احتفال اليوم. ونتضرع إلى إلهنا بشفاعة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم وبتضرعات أبينا البار سابا المتقدس أن يقويكم وأن يشدد خطاكم من أجل العمل بوصاياه.
آمين
H αναδημοσίευση του παραπάνω άρθρου ή μέρους του επιτρέπεται μόνο αν αναφέρεται ως πηγή το ORTHODOXIANEWSAGENCY.GR με ενεργό σύνδεσμο στην εν λόγω καταχώρηση.
Ακολούθησε το ORTHODOXIANEWSAGENCY.gr στο Google News και μάθε πρώτος όλες τις ειδήσεις.